د. محمد الكوهجي: نطاق تطبيق قانون إيجار العقارات البحريني
في منتصف عام 2014 صدر قانون إيجار العقارات بمملكة البحرين ليكون القانون الحاكم والمنظم للعلاقات الإيجارية بالمملكة، وللوهلة الأولى ظن البعض أن هذا القانون قد نسخ المواد المنظمة لعقد الإيجار بالقانون المدني، وأنه صار المنظم للعلاقات الإيجارية كافة بمملكة البحرين.
إلا أنه بالرجوع إلى نص قانون إيجار العقارات ذاته، فإن المادة الثانية من القانون قد نصت على استثناء بعض الأماكن من نطاق سريانه، ومنها الأراضي والمنشآت الصناعية التي تشمل الأراضي والمنشآت والمرافق المقامة عليها والمخصصة لأغراض الصناعة والخاضعة لقانون المناطق الصناعية، والعلة من استثناء هذه الأراضي من تطبيق قانون إيجار العقارات هو كونها أراضٍ مستغلة في النشاط الصناعي والحرفي، مما يجعلها ذات طبيعة خاصة تختلف عن الأماكن الأخرى المؤجرة لغرض السكن أو التجارة.
كما استثنى القانون من نطاق تطبيق أحكامه الأراضي الزراعية؛ وذلك لأن المحصولات الزراعيه غير ثابتة لا من حيث أسعارها ولا من حيث مقاديرها، لذلك يغلب أن يكون مستأجري الأرض الزراعية هم الخاسرون؛ لأنهم يدفعون عن أراضيهم أجرة لا يراعى في تحديدها الآفات التي تصيب الزراعة فتنقص المحصول، وما قد يحدث من هبوط فاحش في أسعار المحصولات، لا يد للمستأجر فيه ولا طاقه له بدفعه، لذلك فإن تطبيق قانون الإيجارات على الأراضي الزراعية قد يوجد حالة سيئة تجعل صغار مستأجري الأرض الزراعية يعيشون في شظف من العيش، وليس من العدل أن يقف المشرع أمام ذلك مكتوف اليد، لذلك فقد أخرج المشرع البحريني الأراضي الزراعية من مجال تطبيق قانون إيجار العقارات بغرض التوفيق بين المصالح المتعارضة لملاك الأراضي والمستأجرين.
كذلك نص القانون على عدم سريان أحكامه على الفنادق والمباني الصادر لها تراخيص سياحية، والتي تخضع لقانون تنظيم السياحة، وذلك باعتبار أن عقد إيجار الغرفة الفندقية يعتبر عقدًا ذو طبيعة مزدوجة؛ لأنه يحتوي على التزامات التأجير والتزامات تقديم الخدمة الفندقية في الوقت ذاته، مع الأخذ في الاعتبار أن عقود استثمار وإدارة الفنادق والبنايات السياحية التي يحررها بعض الملاك للأجانب هي في حقيقتها عقود إيجار، وأن تسميتها بعقود استثمار او إدارة لا يغير من هذه الحقيقة طالما أن المستثمر يدفع مبلغ نقدي ثابت بصفة دورية مقابل استغلال الفندق أو المبنى السياحي، ولا يجوز للمستثمر أن يدعي ملكيته للفندق أو أن يكتسب عليه حقًا عينيًا، وقد سبق أن قضت محكمة التمييز بجلسة 28/5/2000 في الطعن رقم 16 لسنة 2000 بأنه سواء وصف العقد بأنه إيجار للفندق أو استثمار له فإنه لا ينقل ملكيته أو ينشئ حقًا عينيًا عليه.
وفي السياق ذاته، أخرج القانون الشقق المفروشة التي لا تتجاوز فترة تأجيرها شهرًا واحدًا من نطاقه تطبيقه؛ وذلك لقصر مدة التأجير من ناحية، ولما تتمتع به هذه الشقق من مميزات وتجهيزات لا تتوافر في المساكن العادية، مما حدا بالمشرع أن يترك أمر هذه المساكن المفروشة للعرض والطلب طبقًا لاحتياجات السوق، وقد قضت محكمة النقض المصرية في الطعن رقم 286 لسنة 44 قضائية بجلسة 8/2/1978 بأنه وإن كان الأصل عدم خضوع أجرة الأماكن المؤجرة مفروشة بأثاث من عند مؤجرها للتحديد القانوني، إلا أن شرط ذلك ألا يكون تأجيرها مفروشة صوريًا، كما لو وضع فيها المؤجر أثاثًا تافهًا قديمًا بقصد التحايل على القانون و التخلص من قيود الأجرة، فيلزم لاعتبار المكان مؤجرًا مفروشًا حقيقة أن تثبت أن الإجارة شملت فوق منفعة المكان في ذاته مفروشات أو منقولات معينة ذات قيمة تبرر تغليب منفعة تلك المفروشات أو المنقولات على منفعة العين خالية، و إلا اعتبرت العين مؤجرة خالية وتسري عليها أحكام قانون إيجار الأماكن.
كما استثنى القانون الوحدات السكنية التي تشغل لظروف العمل، والأراضي المؤجرة بعقود المساطحة بغرض التطوير، والتي سنفرد لها مقالًا مستقلاً بمشيئة الله.
تعليقات
إرسال تعليق