الأخطاء الطبية المجرمة قانونًا

 
د. محمد أحمد الكوهجي


في الآونة الأخيرة تعددت الأخطاء الطبية وأدت الى الوفاة والإصابات البليغة نتيجة الإهمال الإداري والأخطاء الطبية.

الأمر الذي يشكل خطرًا على المجتمع الى الحد الذي طالب به البعض بإن ازهاق الروح نتاج اجراء عمليات او أخطاء طبية لابد ان يجابه بعقوبات تتناسب وهذه الاخطاء.

وذلك حتى لا يستهين الأطباء خاصة الأجانب بهذه الأمور وتكون أداة ردع لمن يتخاذل من الأطباء في القيام بمهام عمله.

وهذا لا يقلل مطلقًا من جيشنا الأبيض (أطباء المملكة الاجلاء) وانما نسلط الضوء فقط على الأخطاء الناتجة عن قله الوعي والاحتياط وهذا موضوع مقالنا لهذا الأسبوع ولنبدأ سويًا معرفة ما يتعين اتخاذه من إجراءات تجاه الأخطاء الطبية الجسيمة حال وجودها: 

أول ما على المريض او أقاربه فعله حال تعرض المريض لخطأ طبى هو الذهاب مباشرة الى اقرب مستشفى حكومي والحصول على تقرير طبي رسمي يفيد حدوث الخطأ الطبي ونسبة العجز إن وجدت، ثم المسارعة وعرض الامر على هيئة تنظيم المهن الصحية لتفعيل الشكوى ومتابعتها لبدء التحقيق في الامر، وفى الوقت ذاته يجوز ابلاغ الشرطة بالأمر ومن ثم فتح تحقيق من قبل النيابة العامة انتهاء بإحالة الطبيب المخطئ للقضاء الجنائي لمحاكمته بما ارتكبه من جريمة ثم بعد ذلك يتم إحالة الطبيب المخطئ الى اللجنة التأديبية للمرخص لهم بمزاولة مهنة الطب البشري لمعاقبته اداريًا بما قام به من أخطاء. 

حيث إني أطالب ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي و«الصحافة والتلفزيون» من هذا المنبر بنشر قصص الضحايا وكشف الحقائق، وكيفية تعامل الأجهزة الطبية أثناء وبعد وقوع الحوادث، وما مدى سلاسة وكفاية إجراءات الابلاغ عن تلك الجرائم. أليس هذا حقًا من حقوق المواطنين بتلقي العلاج في هذه المؤسسات المهملة والمقصرة. نود أن نسمع من أهالي الضحايا، هل فعلاً وجدوا الاهتمام والتعامل السليم بوحدة الشكاوى في «هيئة تنظيم المهن الصحية»، كما تهمنا معرفة عدد القضايا والضحايا الذين لم تنشر قصصهم، فبعض الأهالي لا يحبذون النشر وكثير منهم لا يتقدمون بشكوى، فيضيع حقهم وحقنا في المعرفة، إن الكثير من أوجه الإهمال والتقصير والخطأ الطبي تقع ضمن تصنيف الجرائم التي يعاقب عليها القانون بالغرامة والحبس، لذلك يجب أن نكون حذرين ومتيقنين قبل توجيه مثل هذه التهم التي تؤدي في كل الأحوال إلى الإساءة إلى سمعة الطبيب أو تدميرها، وهذا ما يفرض الحاجة إلى تعزيز الوعي المجتمعي بحقوق ومسؤوليات المريض والطبيب والمؤسسة الطبية التي توفر الخدمات العلاجية، والحاجة أيضًا وبشكل خاص إلى ترسيخ الإيمان والثقة بالطبيب البحريني أو الوافد، فالطبيب هو رمز من رموز التضحية والتفاني والعطاء، ويجب أن يتمتع بكل صنوف التقدير والاحترام وأن توفر له الظروف الملائمة التي تمكنه من أداء واجبه إلى جانب الحماية اللازمة والحصانة من الإساءة والتشهير والتجريح والتشكيك في كفاءاته ومهاراته التي قد يتعرض لها دون وجه حق.

وقد جاء التشريع البحريني مؤكدا لهذه التوجهات بابتعاده عن المناقشات التي تثير وقوع الخطأ من قبل الطبيب أو عدمه، بترك الأمر للجنة المختصة للوصول إلى القرارات السليمة بهذا الشأن، طبقًا للمادة 5 من المرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1989 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان.

أما المادة (27) من هذا المرسوم فقد حددت مسؤولية الطبيب في الحالات التالية:

- إذا ارتكب خطأ أدى إلى الإضرار بالمريض نتيجة الجهل بأمور فنية أو عملية يفترض في كل طبيب الإلمام بها.

- إذا لحق ضرر بالمريض نتيجة لإهمال الطبيب أو تقصيره في العناية به.

- إذا أجرى على مرضاه تجارب أو أبحاثًا علمية غير معتمدة من قبل وزارة الصحة، ترتب على ذلك الإضرار بهم.

وتختص اللجنة المنصوص عليها في المادة 5 من هذا القانون بتقرير حدوث الأخطاء المشار إليها.

ونستخلص مما سبق، أن المشرع قد حدد بشكل أساسي صور الأخطاء التي يقع بها الطبيب نتيجة لممارسة الأعمال الطبية دون الدخول في المسائل الفنية التي تركها لأهل الخبرة من الأطباء لكشف بعض الجوانب الفنية التي قد تتصل بالخطأ وتوضح مسؤولية الطبيب عن أعماله، وهنا يكمن إشكال آخر في صعوبة إثبات الخطأ الطبي.

إذ جاءت نصوص القانون خالية من أي تعريف للخطأ الطبي بشكل خاص، وإن كانت تعرضت لمفهوم الخطأ بصفة عامة في قانون العقوبات البحريني، حيث اكتفى المشرع بذكر صور وأمثلة مختلفة للخطأ بشكل عام كالإهمال وهي صور وردت على سبيل المثال لا الحصر.

نرجو أن نكون وفقنا في التصدي لكافة ابعاد موضوع المقال.

تعليقات

المشاركات الشائعة