رثــــــــــــاء - سمو الشيخ خليفة رحمه الله
![]() |
د. محمد أحمد الكوهجي |
اليوم اسمحوا لى أن أبعد عن تناول الموضوعات القانونية، وذلك لما ألمّ البحرين من الخطب الجلل والمصيبة الكبرى والتي أحزنت شعب البحرين الطيب.
فى البداية وببالغ الحزن والأسى أتقدم بالعزاء لقيادتنا الرشيدة وعلى رأسهم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى في مصابنا الجلل بوفاة المغفور له بإذن الله تعالى عمه سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، والجميع يعرف إننا فقط نعزى أنفسنا في هذه الشخصية العظيمة التي ضن الزمان أن يجود بمثلها.
فقد حافظ سمو الشيخ خليفة رحمه الله بتعليمات قيادتنا الواعية على قوة وتأثير مملكتنا الحبيبة في المجتمع الدولي، كما حافظ على مملكتنا ووفر لها الأمان خلال الأزمات الطارئة وقد بدأ سمو الشيخ خليفة رحمه الله حياته العملية بالعمل في ديوان والده، حيث كان مُساعدًا في الديوان يعهد إليه العديد من المهمات من قبله مباشرة وكان معظمها يتركز في أمور المواطنين وخاصة الجوانب الاجتماعية، حيث كان يتابع توجيهات والده رحمهما الله في حل مشاكل المواطنين، كما كان يعهد إليه بعض المهمات المحدودة ذات الطابع الاقتصادية، في عام 1954 عين عضوًا ضمن لجنة الإيجارات مبديًا قدرًا كبيرًا من الحنكة والدراية والمثابرة، وهكذا فقد امتلك خليفة بن سلمان المفتاح الحقيقي للمشاركة في صناعة الحاضر والمستقبل البحريني.
كان النهوض بالمستوى التعليمي وتطوير قطاعاته هدفًا مركزيًا ورئيسًا من أهداف المشروع التنموي له وبالتالي فقد عبّر عن ثقة عالية بقدرات وكفاءة حين عين عضوًا في مجلس المعارف الذي شكله في 22 مارس 1956 وأوكل إليه مهمة النهوض بقطاع التعليم وتطويره وكانت هذه المهمة متوافقة تمامًا مع حماس عميق كان رحمه الله يبديه تجاه ضرورة تطوير الحركة التعليمية في البلاد وفي الحقيقة فقد كانت الحركة التعليمية البحرينية تحتل موقعًا رياديًا مستوى الخليج والمنطقة ولكن رؤية سموه كانت تصدر عن قناعة بأن النهضة التعليمية هي الركن الأساس لأي مشروع نهضوي شامل وهكذا فقد بادر لإنجاز رؤيته ولكن بأسلوب ربما بدا مختلفا آنذاك فبعد دراسة شاملة ودقيقة لواقع الحركة التعليمية في البحرين قام بزيارة إلى بريطانيا استمرت حوالي ستة أشهر عاد منها بمنظومة متكاملة من الأفكار الجديدة والبرامج التطبيقية والأساليب الحديثة التعليمية.
انتقل اهتمام سموه المباشر بعد ذلك إلى قطاع الكهرباء عضوًا في لجنة الكهرباء مع مرور الوقت تزايد شيئًا فشيئًا عدد وحجم المسؤوليات التي كان يكلف بها المغفور له بإذن الله فإلى جانب عمله كرئيس لمجلس المعارف وعضوًا في لجنة الكهرباء ولجنة الإيجارات وغيرها من المسؤوليات الأخرى أصدر الحاكم
مرسومًا بتعيين سموه عضوًا في اللجنة المكلفة ببحث شؤون موظفي الحكومة وشارك في دراسة قضية إدارية برزت آنذاك وحلها وهي قضية موظفي الدولة وكوادرهم الوٍظيفية وقد شكلت لهذه الغاية لجنة أوكلت إليها مهمة تنظيم شؤون موظفي الحكومة.
كان منصب سكرتير حكومة البحرين في ذلك الوقت من أهم المناصب وكان اختيار شخص للقيام بأعمال السكرتير البريطاني الجنسية أثناء غيابه خارج البحرين مسألة دقيقة وصعبة فالحاكم لا يقر المجاملة على حساب المصلحة العامة حتى لو تعلق الأمر بأبنائه والسكرتير كان نموذجًا لما يوصف به البريطانيون من أنهم يتركون العواطف والمجاملات في البيت عندما يخرجون للعمل ورغم حداثة سنه وكثرة مسؤولياته حاز سموه على ثقة الاثنين فكُلِّف بالقيام بأعمال سكرتير
ثم جاء تعيين سموه رئيسا لمالية الحكومة، ومن خلال رئاسته لمالية الحكومة استطاع التأثير عميقا في مسيرة التنمية البحرينية ووضع الأسس المتينة التي قامت عليها نهضة البحرين الاقتصادية والمالية وكان هذا المنصب خاتمة المناصب التي تولاها سموه في عهد والده سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين
وترقى في المناصب المختلفة حتى وصل لمنصب رئيس الوزراء وطوال فترة رئاسته للمجلس خاض العديد من المعارك القانونية وبفضل الله ونبوغه وفطنته ربحها جميعًا وكان لى الشرف في الالتقاء بسموه بمجلسه الأسبوعي العامر وإهدائه نسخة من رسالة الدكتوراه الخاصة بى ودار بيننا حديث جانبي تميز بروحه الطيبة رحم الله فقيدنا الغالي وألهمنا الصبر والسلوان على فقدان سموه، وأعان صاحب السمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس الوزراء على هذا التكليف لما فيه من خير وصلاح لهذا الوطن فسموه خير خلف لخير سلف.
تعليقات
إرسال تعليق