وقفةٌ مخلصة مع جلسة الثلاثاء الماضي للنواب!!
![]() |
لــطفـــــــي نصــــــــــر |
هذا الهرج والمرج الذي حصل في جلسة مجلس النواب يوم الثلاثاء ما كان له أن يحدث.. إضافة إلى أن هذا النوع من الهرج والمرج يحدث للمرة الثانية تقريبا.. فقد حدث ما يماثله في جلسة سابقة رغم أنه لم يبلغ عمر هذا المجلس سوى شهر واحد.
هذا الهرج والمرج حدث عند منافسة الأربعة اقتراحات برغبة التي طُرحت بصفة الاستعجال في نهاية الجلسة.
اللائحة الداخلية للمجلس تقول إنه عند طرح أي اقتراح برغبة فإن الحديث من حولها يقتصر على اثنين من المؤيدين للاقتراح واثنين من المعترضين وليس أكثر.. ولكن لُوحظ أن البعض كان يطلب الحديث في الموضوع من دون أن يكون طرفا في المناقشة.. والمشكلة الحقيقية أن عددا ليس بالقليل من السادة قد لجأوا إلى هذه الطريقة وكلهم أرادوا أن يشاركوا في المداخلات.. ولست أعرف هل هؤلاء يستوعبون قانون ولائحة المجلس أم أنهم لا يعرفون شيئا عنهما ولم يقرأونهما حتى الآن!
والحقيقةُ أن رئيسة المجلس قد نبَّهت إلى محاولة البعض عند خرق مواد لائحة المجلس.. كما كان البعض يلجأ إلى طلب طرح نقطة نظام ثم يفاجئ الجلسة بأنه يتحدث في صلب الموضوع.. هذا غير الذي حدث مع سيادة النائبة التي قامت خلال الجلسة لتقدم مداخلة وكأنها في حفل مدرسي.. كل هذا يُوجب معالجة الأمر أو الظاهرة قبل أن تستفحل.. وكما أشرت في مقال سابق فإن الأمر يحتاج إلى دورة أو دورات تدريبية عاجلة للسادة النواب حول القوانين والأعراف والتقاليد البرلمانية.. وهي التي كان يجب أن تتم قبل أن يبدأ المجلس جلساته لأنه من العيب، والعيب جدا، أن نائبا برلمانيا «قد الدنيا» لا يعرف شيئا عن قانون وأعراف وتقاليد مجلسه الذي يتشرف بعضويته.. لقد أبلغت اللهم فاشهد!!
}}}
أهم الاقتراحات برغبة العاجلة التي طرحت ونوقشت يوم الثلاثاء الماضي ضمن الاقتراحات برغبة الأربعة.. هو الاقتراح الخاص بالعمل على الإسراع في توفير أدوية السرطان الناقصة في مستشفيات ومراكز وزارة الصحة، وهي التي تشكو من نقص حاد مُخزٍ ومعيبٍ وخطرٍ في أدوية مرضى السرطان كما طرح السادة النواب.
![]() |
النائب حمد الكوهجي |
والحقيقةُ أنه قد أعجبني جدا مرافعة النائب حمد الكوهجي في هذه القضية الخطيرة.. وهو الذي أشار إلى أنه ليس السرطان وحده هو الذي تختفي أدويته.. بل هناك أدوية أخرى مختفية ومنها أدوية الربو وغيره.. كما أشار الكوهجي إلى أن هناك فسادا يتم التغطية عليه في مجال توفير الأدوية؛ حيث يوجد فساد أكبر مما أشار إليه تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الأخير.
وقال: يَحِزُّ في النفس أن الصحف وكل وسائل الأعلام تتحدث عن فساد ونقص وسوء توزيع الأدوية وأساليب توفيرها.. ولكن المؤلم أن وزارة الصحة قد قصرت مهمتها على أن تكذب الصحف ووسائل الإعلام وهذا لا يجوز.. هذا رغم أن صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء دائما ما يؤكد ضرورة أن تلتزم الوزارات الصدق والموضوعية في مواجهة وسائل الإعلام!!
كما حرص النائب عمار قمبر على أن يشرح جوانب خطيرة أخرى في هذه القضية الشائكة، وأقصد قضية نقص الأدوية، مفجرا قضية الأدوية الجنيسة.. حيث أشار إلى أن الوزارة تتمادى في توفير الأدوية الجنيسة وخاصةً في الآونة الأخيرة.. رغم أن المريض يكون قد تعود على الدواء الأساسي أو الرئيسي إلى درجة شعوره بآلام تكويه مع استخدام الدواء الجنيس.. وكل هذا يتنافى مع دستور وقانون البلاد الذي ينص على حق كل مواطن في أن يوفر له العلاج والدواء الناجع والنافع والمفيد.. ثم نادى بأعلى صوته قائلا: لا تجعلوا المواطنين البحرينيين «فئران تجارب»!!
ثم قال: إن ما توفره الحكومة للدواء والعلاج ليس بالقليل.. حيث يعلم الجميع أن الحكومة توفر للدواء 50 مليون دينار سنويا.. هل معقول 50 مليون دينار ثم تختفي الأدوية؟!
قال النائب قمبر ذلك ولكن الوزير غانم البوعينين قد أراد أن يخفف من حدة الطرح قائلا: إن الأدوية الجنيسة ليست أدوية مقلدة.. إنها ماركة أخرى من ماركات الدواء الأصلية.
وأقول لكم بصدق إن هذه المناقشة الصادقة والقوية التي عبرت عن حرص وحماس الأداء من قبل السادة النواب قد خففت من آلام المرض الذي يعاني منه المرضى الذين يستخدمون الأدوية الناقصة.. وأصبحوا الآن مهيأين ليتوافر لهم الدواء بنفس السرعة وصفة الاستعجال التي أحال بها السادة النواب «اقتراحهم برغبة» إلى الحكومة الموقرة.. ذلك لأن سمو رئيس الوزراء الموقر لا يرضى أبدا أن تتواصل الشكوى بنقص بعض الأدوية الرئيسية، وخاصةً تلك الأمراض التي تعلو معها صرخات المرضى من قسوة الآلام.. وأن الحكومة لديها الحرص الكامل على أن توفر لهذا القطاع الإنساني كل ما يحتاج إليه.
واقعيةُ الطرح
لاحظت أن بعض السادة النواب يطرحون قضايا أو مشاكل.. أو طلب علاج مشاكل ليس لها وجود بالمرة على أرض الواقع!!
كان من بين الاقتراحات برغبة التي نوقشت يوم الثلاثاء الماضي: اقتراح أو مشروع يُطالب بوقف سريان ضريبة القيمة المضافة على «السندويتشات» والسلع الغذائية الخفيفة الأخرى التي تباع لطلاب وتلاميذ المدارس من خلال المقاصف المدرسية.
فبعد أن طرح أصحاب الاقتراح برغبة اقتراحهم، وأفاضوا في تناول مدى خطورته، وقف النائب المخضرم عادل العسومي قائلا: لا يجوز أبدا أن نطرح من خلال هذا المجلس قضايا ليس لها وجود على الأرض.. فلا صحة على الإطلاق لفرض المقاصف المدرسية ضريبة القيمة المضافة على تلاميذ المدارس.. وأضاف: أقول ذلك وأنا متأكد.. بل وأتحدى من يؤكد لي أن هذه الضريبة مفروضة على طلاب المدارس؟!!
المؤسف أن هذا الذي أكده النائب عاد العسومي يعني أننا لا نكتفي بطرح اقتراحات برغبة لعلاج مشاكل غير موجودة على أرض الواقع فحسب.. بل وصل الحال إلى طرحها وإحالتها إلى الحكومة بصفة الاستعجال!!
أيها السادة النواب.. مثل هذا الطرح يضعف أداء هذا المجلس الموقر الذي يجعل الشعب يعلق كل آماله عليه وعلى جديته في الطرح والتناول!!!
تعليقات
إرسال تعليق